انتقل إلى المحتوى

التبيان في تفسير القرآن (كتاب)

من ويكي شيعة

التبيان في تفسير القرآن، من التفاسير الشيعية من تأليف محمد بن الحسن الطوسي (385 - 460هـ) المعروف بـ الشيخ الطوسي. ويعدّ أول تفسير شيعي جامع؛ وله الأثر البالغ في التفاسير الشيعية حيث اقتدت بمنهجه. يحتوي هذا العمل على تفسير جميع آيات القرآن، ومن السمات التي يعرف به أن له نظرة شاملة، وقد استفاد من مختلف العلوم في تفسير القرآن.

أورد الشيخ الطوسي في هذا الكتاب آراء المفسرين والمتكلمين من المذاهب الأخرى الإسلامية وناقشها ومقدما نقده عليها، وقد لخص علماء الشيعة في القرن السادس الهجري هذا التفسير تحت عنوان تَلخيص‌ُ التِّبيان.

المؤلف

محمد بن الحسن بن علي بن الحسن، الشهير بالشيخ الطوسي وبشيخ الطائفة (385ــ460 هـ) من كبار فقهاء الشيعة في القرن الخامس الهجري ومؤلف كتابين من الكتب الأربعة، وهما: تهذيب الأحكام والاستبصار. بعد أن توفي السيد المرتضى تزعّم الشيخ الطوسي المذهب الجعفري، وربّى أجيالاً، وألّف العشرات من الكتب.[١] أهمّ نشاطات الشيخ الطوسي هي تأسيس الحوزة العلمية في النجف الأشرف وتنامي الاجتهاد الشيعي واستقلاله من مدرسة اجتهاد أهل السّنة في الفقه والأصول.[٢]

دافع التأليف

يقول الشيخ الطوسي في مقدمة الكتاب عن دافعه لتأليف هذا التفسير هو سدّ النقص الموجود في التفاسير المتقدّمة. يؤكّد المؤلف أنه لا يوجد تفسير جامع وكامل كتبه أحد من علماء تفسير القرآن الكريم بحيث فسّر الآيات من جوانب متعددة كعلم الكلام والحديث واللغة وغيرها من الجهات، وأن يستقرأ المأثور في التفسير ووجهة نظر المفسرين وأن يفسّر الآيات بنفسه إذا ما احتاجت إلى تفسير. بادر القلة القليلة بجمع المأثور في التفسير للآيات دون استقصاء جميعها والتدقيق فيها وتقييمها وإضافة شئ لها لتبيين وتفسير الآيات.[٣]

وعدَ الشيخ الطوسي أن لا يكتب تفسيراً مختصراً بحيث يصعب فهمه للجميع، ولا يطيل بحيث يتجاوز قاعدة الاختصار والإيجاز.[٤]

منهجه وأسلوبه في التفسير

  • منهج الشيخ الطوسي في مقارنة بين تفسيره وتفاسير الشيعة السابقة يحمل صبغة جديدة، وعلى ما يظهر أن التبيان هو التفسير الأول من نوعه الذي لم يكتف الطوسي بسرد المأثور عن القرآن، بل فسّر بنفسه الآيات، وقيّمها، واجتهد فيها أيضاً.
وبالإضافة إلى نقل ودراسة روايات المعصومينعليها السلام والصحابة واستحضار آراء وأفكار المفسرين المتقدمين، قام بنفسه بإبداء رأيه واجتهاده في الآيات القرآنية.
إنّ تفاسير الشيعة السابقة كـ تفسير القمي (نهايات القرن الثالث وأوائل القرن الرابع) والعياشي (القرن الثالث) وغيرها تنقل الروايات المختصّة بالآيات القرآنية، ومؤلفوا هذه التفاسير الروائية لم يبادروا بتفسير وتقييم الآيات.
قلل الشيخ الطوسي من عدد الروايات الشيعية في تفسيره، وبحسب بعض الباحثين المعاصرين، قد تأثر المؤلّف كثيراً بطريقة أبو القاسم حسين بن علي المعروف بـ الوزير المغربي [٥] (سنة 370 هـ) في كتاب تفسيره المسمى بـ المصابيح في تفسير القرآن، وهذا المنهج ألقى بظلاله على التفاسير الشيعية اللاحقة، ولو أنّ بعض التفاسير أخذت على عاتقها المنهج السابق والتقليدي في التفسير، ففي العهد الصفوي مثلاً نلاحظ أن لا وجود لغير المأثور في كتب التفسير.[٦]على الظاهر، أنّ سبب هذا الرجوع إلى المنهج السابق هو هيمنة الأخباريين في هذا الزمان والذي كان لهم عناية خاصة بالروايات. مع أنّ الشيخ الطوسي ذكر العديد من مناهج التفسير السابقة والمعاصرة له في مقدمة كتابه، وذكر أسامي العديد من المفسرين، لكن لم يذكر اسم الوزير المغربي وتفسيره.
علم التفسير
أهم التفاسير

الشيعية:

السنية:

المناهج التفسيرية
الاتجاهات التفسيرية
أساليب كتابة التفسير
اصطلاحات علم التفسير
  • التبيان من جملة التفاسير منوّعة المصدر، وأطلق عليه صفة التفسير الجامع أو متعدد المصادر. وظّف الشيخ الطوسي في هذا التفسير مصادر ووثائق متعددة كـ القرآن والروايات والعقل في استنباطه التفسيري.[٧]وبما أنّه استعان في تفسيره للآيات بالعقل والنقل، يعتبر من التفاسير الشيعية المميزة.
  • تفسيره الكلامي: كان الشيخ الطوسي خبير في بحوث العقل والفلسفة والكلام، لذلك أكثَرَ من المواضيع الكلامية بما يناسب الموضوع واتخذ العقل منهجاً؛ لتبيين معاني الآيات، وقام بتفسير بعض الآيات ونقل معتقدات الفرق الكلامية المختلفة كالمرجئة وجعلها في بودقة الانتقاد.
  • تفسيره الأدبي: منهج الشيخ الطوسي في تحليل مفردات الكلمة وصرفها واعرابها لأجل الوصول إلى معاني الآيات في هذا التفسير ملفت للنظر. [٨]استفاد الطوسي من المصادر الأصيلة الأدبية، وأورد الأشعار العربية الفصيحة في تحليلاته اللغوية.
  • في أغلب الحالات، يستند صاحب التبيان في تفسيره إلى المفسرين الأوائل للقرآن، ويذكر أقوالاً لأشخاص كـ ابن عباس من المصادر التفسيرية لأهل السنة، ويجعلها قيد الدراسة والتدقيق.[٩]

المحتوى والتركيب

  • يحوي الكتاب على تفسير جميع سور وآيات القرآن الكريم بحسب الترتيب. بعكس التفاسير المتقدمة الشيعية كـ تفسير أبی حمزة الثمالي (سنة 148 هـ) وتفسير الإمام الحسن العسكري (المنسوب إليهعليه السلام) نقلا عن محمد بن قاسم الأسترآبادي (سنة 380 هـ) وتفسير فرات الكوفي (من أعلام القرن الثالث والرابع الهجري) وتفسير القمي (أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الهجري) قد أهملوا تفسير بعض الآيات.
  • رتّب المؤلّف معطيات كلّ سورة بالطريقة الآتية: ابتداءًا بذكر الأسماء المتعددة لكل سورة، وأنها مكية أو مدنية، وهل ذُكر فيها ناسخاً أو منسوخاً وخصوصيات أخرى فيها، وبيّن المعاني اللغوية لمفردات القرآن، وذكر فيها اختلاف القراءات وملاحظات حول الصّرف والنحو والبلاغة، ثم شرح، وفسّر الآية، وأورد آراء المفسرين وأقوال حولها.
  • نرى في أنحاء الكتاب تقييماً لأسباب نزول الآيات وقضايا تخصّ الكلام ومواضيع في الفقه ذا علاقة بها، بحيث إنّ الفقه والكلام طغيا صبغتهما على غيرهما من الجوانب في الكتاب، وبما أنّ للشيخ الطوسي يدٌ طولى بمعرفة الاختلافات الفقهية بين المذاهب، انعكس ذلك في العديد من المواضيع إلى المقارنة بين الآراء ومقايستها.
  • ارتأى صاحب التبيان قبل الخوض بتفسير نص الآيات بذكر فصلين: أولهما تحت عنوان مسائل يجب معرفتها قبل الخوض في التفسير والذي أورد فيه الشيخ باختصار اعتقاده استبعاد التحريف في القرآن من حيث الزيادة والنقصان،[١٠] ثانيهما يحمل عنوان أسماء القرآن وسوره وآياته، والذي يبحث فيه المؤلف حول أسماء القرآن والمصطلحات والمفاهيم القرآنية كالسورة والآية وغيرها، واعتبرها تمهيداً للدخول في تفسير نصّ القرآن الكريم.[١١]

مكانة التفسير

بالإضافة إلى المواضيع المنوّعة ومحتوى كتاب التبيان يرجع أهمية هذا الكتاب إلى إحداث حركة جديدة في المنهج التفسيري عند الشيعة، فصار منهجاً يُحتذى به عند مفسّري الشيعة.

مدح العديد من مفسّري الشيعة وذووا الاختصاص في معرفة الكتاب تفسير التبيان، وذكروا مميزاته.[١٢]

أفاد الفضل بن الحسن الطبرسي مؤلف تفسير مجمع البيان أن التبيان كان مثلاً له قد حذا به في كتابة تفسيره[١٣]

مصادر التفسير

  • استلهم الشيخ الطوسي في كتابه التفسيري من كتب التفسير المختلفة، ومن أهمها كتاب جامع البيان عن تأويل آي القرآن لمحمد بن جرير بن يزيد الطبري (310 هـ) الذي تلقى منه محتوى ومنهجه التفسيري.

والكتاب الآخر الذي استفاد منه صاحب هذا التفسير هو كتاب المصابيح في تفسير القرآن من تأليف العالم الشيعي أبو القاسم حسين بن علي المعروف بالوزير المغربي (370-418هـ) وبحسب باحثين أثّر هذا التفسير على محتوى التبيان إضافة على منهجه التفسيري.[١٤] دوّن لأول مرة تفسير ما يعرف بالمغربي نحو 200 رواية تأريخية وفي السيرة وأسباب نزول الآية والتي ذكرت هذه الروايات في تفسير التبيان ومنه في تفسير مجمع البيان.[١٥]

  • من أهم المصادر الفقهية المعتمدة لدى الشيخ الطوسي في بيان آيات الأحكام هو كتاب الخلاف من مؤلفاته المشهورة. [١٧]

تلخيصات التفسير

لقد لخّص كتاب التبيان عالمين شيعيين هما:

الطبعات

طُبع هذا الكتاب لعدّة مرّات:

  • طباعته على الحجر في جزئين برعاية علي آقا الشيرازي والسيد عبد الرسول روغني زاده الأصفهاني سنة 1365 هـ.
  • الطبعة الطوبوغرافية في 10 أجزاء بتحقيق وتصحيح أحمد شوقي وأحمد حبيب قصير مع مقدمة آقا بزرك الطهراني سنة 1409هـ.

الهوامش

  1. كرجي، تاريخ الفقه والفقهاء (بالفارسية)، ص 183.
  2. كرجي، تاريخ الفقه والفقهاء (بالفارسية)، ص 181.
  3. الطوسي، التبيان، ج 1، ص 1-3.
  4. الطوسي، التبيان، ج 1 ص 1-3.
  5. http://cqs.blogfa.com/post/99
  6. http://cqs.blogfa.com/post/99
  7. معرفة، التفسير والمفسرين (بالفارسية)، ج 2 ص 245.
  8. مثلاً يراجع إلى: الطوسي، ج 1، ص 23.
  9. نموذجاً يراجع إلى: ج 1، ص 57.
  10. الطوسي، التبيان، ج 1، ص3و4.
  11. الطوسي، التبيان، ج 1، ص 227.
  12. نموذجاً يراجع: الذريعة، ج3، ص 329؛ بحر العلوم، الفوائد الرجالية ، ج3، ص 228.
  13. الطبرسي، مجمع البيان، ج1، ص75.
  14. كريمي نيا، 1390، ص 119.
  15. http://cqs.blogfa.com/post/99
  16. محسن قاسم بور، تعليق حول اتجاه الشيخ الطوسي في تفسير التبيان (مقال بالفارسية).
  17. الطوسي، التبيان، ج 1 ص 25.
  18. آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 20، ص 184.
  19. الفوائد الرجالية، ج 3، ص 229.
  20. آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 20، ص 185.

المصادر والمراجع

  • كرجي، أبو القاسم، تاريخ الفقه والفقهاء، مؤسسة دراسة و تدوين الكتب الجامعية للعلوم الإنسانية (سمت)، الطبعة العاشرة 1388 هـ ش (بالفارسية).
  • بحر العلوم، سيد محمد مهدي، الفوائد الرجالية، طهران، مكتبة الصادق، 1363 هـ ش.
  • طهراني، آقا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، 1403 هـ.
  • الصدر، حسن، تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام، بغداد، 1370 هـ ، طبعة أفسيت طهران، د.ت.
  • الطبرسي، فضل بن حسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1415 هـ.
  • الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن، د.م، مكتبة الإعلام الإسلامي، 1409 هـ.
  • الطوسي، محمد بن حسن، التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: أحمد قصير العاملي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1، د.ت.
  • معرفة، محمد هادي، تفسير ومفسران (مترجم)، قم، مؤسسة التمهيد الثقافية (مؤسسه فرهنگی التمهید)، 1380 هـ ش

الوصلات الخارجية

Trigger Icon